محمد ابو قاسم عضو جديد
الجنس : عدد المساهمات : 3 نقاط : 8 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 27/07/2011 العمر : 37
| موضوع: أوراق خاصة الأربعاء 27 يوليو 2011, 5:51 pm | |
| أوراق خاصة
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد..
فإن هذه الأوراق هي في الحقيقة هم وأسى وجرح وألم، وقلب نازف وعقل حائر وفكر شريد.
مشكلة تحتاج إلى حل، وخطأ يحتاج إلى تصويب.
لا أدري ماذا نقول وماذا نذر، فالمآسي كثيرة والوقائع الموحشة أكثر وأكثر، بل وإن المرء كلما حاول جاهداً أن يسدّ ثغرة فإذا بها تنفتح عليه أبواب من الأسى، وكلما عمد إلى جرح ليداويه نزف جرح آخر.
أمور مبكية، وحوادث محزنة في طريق موحش قلّ فيه المعين وتعثّر فيه الصاحب البار.
حقيقة إنك لتقف حائراً لما ترى من تغيّر أحوال الناس وتنكبهم الصراط المستقيم، وانجرافهم إلى بحرٍ متلاطم الأمواج شديد الظلمة بعيد قعره ليس فيه إلى النجاة من سبيل، وأعجب من ذلك أنهم لا يعرفون إلى أين هم ذاهبون، وعلى أي طريق يسيرون، وإذا جاءهم ناصح أمين تولوا وهو معرضون.
ليل من الغمّ أم فجر من الكمــــد واضيعة الحق فيك اليوم يــا بلــدي
أرثي لقوميَ أم أغضي علــى ألـمي شجىً بحلقي وأجبــالاً علـى كبدي
نشكــو إلى الله من دهيـاء كالـحةٍ أعمت بصائـرنا عن مسـلك الرشـد
وكلما نظرت إلى جهة من الأرض وصوبت النظر وجدت ما يبكيك ويستمطر أدمعك، ويقتل فيك الإحساس بالسعادة، مما غزا ديار المسلمين من الانحراف.
وحسبك أن تسدّ ثغرة أو تقول كلمة لعل الله أن يصلح به، والإخلاص رأس الأمر كله.
والدنا حكم علينا بالعنوسة..
إن من المسلّم بداهة أن الوالد لا يهنأ له بال حتى يرى أبناءه في غاية السعادة، وإن مما يصعب تصوره أن يكون الوالد سبباً في شقاء أبنائه وتعاستهم، ولكن هذا يحدث عندما يتبخر حنان الأبوة من ذلك القلب، وتحل القسوة بدلاً عنه، أو حين يفقد الإحساس ويخيّم الجهل على حياته، وتضرب الغشاوة على عينيه فلا يعود يميز شيئاً، وحينئذ فإن كل ما يحدث إنما هو نتيجة طبيعية وردة فعل متوقعة وعلى اختلاف النتائج والآثار فإن مؤداها واحد في الأصل وسببها يدور حول شيء واحد هو: قسوة الآباء وبعدهم عن مراقبة الله جل وعلا وخوف عقابه.
فلقد بلغ ظلم بعض الآباء لبناتهم إلى درجة كبيرة تحمل في طياتها كل معاني الأسى والحسرة، بعضهم جهلاً وبعضهم غفلة وبعضهم استغلالاً وبعضهم ربما يكون نتيجة مرض نفسي هو نفسه لا يعرف سببه، ولقد جاءت السنة النبوية محذرة من الظلم وعقوبته ومبينة فضل تربية البنات والصبر عليهن، واحتساب الأجر في تربيتهن، وموصية بإحسان الصحبة لهن، منها قوله صلى الله عليه وسلم: "بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا، البغي والعقوق"[1].
وقوله صلى الله عليه وسلم: "من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار"[2].
وقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان له أختان أو بنتان فأحسن إليهما ما صحبتاه كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وقرن بين إصبعيه"[3]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيراً"[4].
ومثل ذلك كثير في السنة النبوية، وهذا تشريع رباني لأنه أعلم بأحوال هذا الجنس وضعفه ولو أبدت المرأة غير ذلك.
ألا وإن الدافع وراء هذه الكلمات تلك الأنات الحزينة التي صدرت من قلوب جريحة تحتاج إلى الأمل كما يحتاج الضرير إلى ذبالة نور.
فقد كثرت الشكوى من كثير من الفتيات، تشتكي الواحدة منهن والدها الذي تسبب في جلوسها (عانساً) حبيسة الجدران من غير زوج يؤنس وحشتها ويعينها على صعوبة الحياة وقسوتها، وطفل تحتضنه وتلاعبه يكون سبباً في سعادتها، وكأن لسان حالها يقول:
لقد طال هذا الليل واسودّ جانـبه وأرّقـني ألا ضجيـع ألاعبــه
فوالله لـولا الله لا شيء غـيـره لحرّك من هذا السريــر جوانبه
ولكنني أخـشى رقيباً موكــلاً بأنفاسنا لا يفتر الدهـر كاتبـه
وبعضهم يعلل ذلك بأعذار واهية، وربما لا يعلل رفضه المستمر من تزويج ابنته، طمعاً في راتبها التي تتقاضاه نظير عملها، أو لأنه يريد أن يبيعها بمبلغ خيالي يسميه مخادعة (بالمهر)!! أو لشيء أضمره في نفسه لا يريد الإفصاح عنه، أو ربما يكون هو نفسه لا يدري لماذا، ولكن هكذا كان!!!
حقيقة إن الأمر غاية في الغرابة، فهذا الرجل وأمثاله ألا يشعرون؟!
ألا يتذكر أحدهم الفراغ الذي كان يسيطر على حياته قبل زواجه؟
ألم يكن محتاجاً إلى الدفء العاطفي والاستقرار النفسي؟
ألم يكن متشوقاً لرؤية أبنائه؟
بل وبصراحة.. ألم يكن محتاجاً إلى قضاء وطره وإشباع غريزته؟
فلماذا لم يفكر فهل المرأة تختلف؟!!
وإن كنت متعجباً فاعجب من ذلك الرجل (المريض) الذي لم يستفد من تجاربه في الحياة، ولم يتعلم من حوادث الزمان ما يكون سبباً في رسوخ عقله، وبلوغه الحكمة في التعامل مع الأحداث.
أحدهم عندما عوتب على عدم تزويج ابنته (الموظفة) قال: أزوّج فلانة؟! أتريدون أن أموت من الجوع؟!!.
واستمع بنفسك لما تقول صاحبة المأساة حتى تتصور عظم المصيبة وإلى أي مدى وصلت.
تقول: "كنا مجموعة من الفتيات على استقامة وخلق، وسبب رفض آبائنا المستمر لمن يتقدم لطلب الزواج منا ـ بحجج واهية ـ فقد انحرف جميع صديقاتي وأصبحن من (أهل الهواتف والمواعيد) لأن آباءهن رفضوا تحصينهن بالزواج الشرعي.. وكم من واحدة منهن تقول لي ماذا تنتظرين؟ وتجدد لي الدعوة بين حين وآخر، وأنا لم أزل أقاوم، ويعلم الله كم أعاني في سبيل القبض على ديني ولكني أخشى ألاّ يدوم هذا طويلاً، وأنجرف كما انجرف صاحباتي اللاتي كلما عاتبت واحدة منهن على انحرافها تقول: والدي هو السبب..!".
وأخرى تصرخ: "والدنا حكم علينا بالعنوسة والتعاسة"، وتروي قصتها فتقول: "نحن أربع بنات مستوى عائلتنا متوسط، ومستورون، ومشكلتنا ومع الأسف الشديد في والدنا فهو من النوع الذي يعشق المظاهر، وحكمه على البشر يرتكز في الأساس على الناحية المادية البحتة، فالرجل في نظره هو صاحب الجيوب المليئة بالنقود، وليس من يتمتع بأخلاق كريمة عالية من شرف، وشهامة، وثقافة، ورجولة..، وهذه هي الطامة الكبرى التي حطمت حياتي أنا وأخواتي.
كنا نحن البنات الأربع قمة في الهدوء والنظام والاجتهاد في المدرسة، كانت أمي حريصة كل الحرص على معرفة صديقاتنا والتقرب منهن خوفاً علينا وعلى سلوكيّاتنا وأنهيت أنا وأخواتي دراستنا الجامعية ووفقنا الله في أن نتولى وظائف محترمة في سلك التدريس، وبدأت المشاكل عندما تقدم لخطبتي أخٌ لإحدى صديقاتي وكان شاباً يتمتع بأخلاق عالية، وقد تقدم لخطبتي سبع مرات وفي كل مرة كان والدي يرفض زواجي منه لأنه من عائلة عادية ولا يملك أموالاً وشركات وأملاكاً، وحاولت والدتي مساعدتي وإقناع والدي ولكنها لم تفلح وأصر هو على رفضه، وذهب هذا الشاب وتزوج من أخرى، بعدها تقدم شاب آخر يعمل في سلك التدريس ومن أسرة طيبة وكريمة لكن ليس له مورد مادي سوى الراتب، وهو يملك السمعة الطيبة والأخلاق الكريمة والسيرة الحميدة، وأيضاً رفضه والدي لأنه فقير ولا يملك المال والجاه وبالأصح لأنه ليس بصاحب مظهر كذاب مدعياً والدي بأن هذا الرجل لن يسعدني وليس بمقدوره ضمان حياة عالية المستوى، وأيضاً ذهب هذا الشاب وتزوج بأخرى.. وفي كل مرة يتقدم لخطبتي شخص يرده والدي لأنه ليس بغني ولا يملك الثروة والجاه، مع العلم أن حالتنا متوسطة ولسنا أغنياء، وكل شخص يتقدم لخطبتي يحكم عليه من المرة الأولى بالفقر وأنه لن يسعدني، وأيضاً قاسى أخواتي الثلاثة نفس المعاناة وشربن من نفس الكأس التي شربت منها، والحقيقة أننا لم نستطع الوقوف والصمود أمام تحكم والدنا وصرنا نعاني من الألم والحزن بعدما أصبحنا (عوانس) نتحسر على الأزواج والأطفال والحياة الأسرية.
فأصبح عمري تسعة وثلاثين، وأختي في الثامنة والثلاثين، والتي تليها في السادسة والثلاثين، والصغرى بلغت الخامسة والثلاثين.
نعم.. أصبحنا (عوانس) أمام الجميع وأمام أنفسنا، تقدم بنا العمر، وفاتنا قطار الزواج، وجاوزنا العمر المناسب للزواج وها نحن نعيش مع والدنا وأمامه بكل حزن وألم ولوعة، نعيش الحرمان والأسى وكل واحدة منا تبكي حظها العاثر، فكل صديقاتنا يعشن حياة زوجية في ظل أسرة سعيدةٍِ أبناء.. وبنات.. وزوج..، أما نحن فنعيش الألم والعنوسة، والجميع يقول عنا (عوانس) لا أزواج ولا أبناء لأن والدنا حكم علينا هذا الحكم القاسي، فلا زواج إلا من رجل غني يملك فيلا وشركات..و..و..و..
هل تصدقون إذا قلت لكم إنه تمر علينا ليالٍ طويلة وأنا وأخواتي نتحسر على أنفسنا ومشاعرنا وقلوبنا، ونتمنى أن أطفالنا بين أيدينا نرضعهم.. ونربيهم، ونحضنهم بحبنا وعطفنا.
مشكلتنا هذه جعلتنا نفتقر لعامل الاستقرار وأصبحنا ندلل على أنفسنا بين الخاطبات لعلهن يجدن لنا من تتوفر فيه الشروط التي يريدها والدي وأيضاً كل هذه المحاولات باءت بالفشل وأصبحت الحياة لا لذة لها ولا قيمة وساعتنا كلها سوداء خالية من البهجة والأمل والفرح. يكفي أن أقول لكم أننا فعلاً محرومات من عاطفة الأمومة ومحرومات من دفء كنف الأزواج، ونهايتنا ستكون التشتت والضياع، ووالدي لا يزال مصراً على آرائه وأفكاره وتحكمه فهو لا يدرك نهايتنا ومصيرنا في المستقبل. أخبرونا ماذا نفعل بالله عليكم؟.." اهـ.
لا تستغرب!!! فإن مثل هذه الواقعة كثير.. وهو منظر يتكرر كل يوم، ولا شك أن من أعظم ما جرّ النساء إلى الفواحش والزنا ومنكرات الأخلاق هو جلوسهن من غير زواج، ولو تزوجن لأحصن أنفسهن وأزواجهن ولاستعففن في بيوتهن وإن في ذلك لعبرة لمن أراد الحفاظ على عرضه وصون محارمه، لأن حالة الضعف طارئة على الإنسان ولربما في حالة ضعف يحدث من هذه المرأة ما لا يتوقع حدوثه، وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حيث قال: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"[5].
ولا يفوتني هنا أن أنبه إلى أنه قد لا يكون الوالد هو السبب المباشر في عنوسة ابنته ولكنه قد يكون سلبياً لا يحرك ساكن، فتجد أبناءه يخططون ويرفضون من يتقدم لخطبة ابنته وهو لا يملك شيئاً، أو أن تكون والدة الفتاة هي التي تتصرف وتتولى كبر هذه المأساة فتردّ الخطّاب، وتضع الشروط لتنفّر عن ابنتها وذلك غالباً ما يكون طمعاً في راتبها أو خدمتها.. أو لأسباب أخرى والوالد رجل ضعيف الشخصية.. لا يستطيع حراكاً وكأن القوامة لزوجته فلا يستطيع كسر كلامها.
ألا فليتق الله الآباء والأمهات والأخوة ولا يكونوا حجر عثرة في طريق هذه (المسكينة) وليعلموا أن الله سائلهم عن ذلك وأنهم سيقفون بين يدي حكم عدل لا يظلم عنده أحد، فمن كسب إثماً وظلم هذه (المرأة) فليبادر بالتوبة وليستحل منها قبل ألا يكون درهم ولا دينار، وليحاول جاهداً تصحيح الخط، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.
السائق المشكلة
لا أكتم خبراً إن قلت: إنني وأنا أكتب هذه الأسطر في غاية الحزن والأسى لأنني أكتبها بعد مشاهدات ووقائع كثيرة، تطرق أسماع الناس في كل يوم، ولا شك أنني عندما أسوق مشهداً أو أضرب مثالاً فإن هناك العشرات من جنسه، واللبيب تكفيه الإشارة والسعيد من وعظ بغيره.
إن من المحزن حقاً أن ترى كثيراً من المسلمين عجز أن يقضي حاجة أهله وأن يقوم بمتطلبات منزله، فعمد إلى استقدام سائق من إحدى الدول الأجنبية ثم جعله نائباً عنه في كل شيء فهو يوصل البنات إلى مدارسهن ويوصل الزوجة إلى المستشفى والسوق والعمل وحدها، وهو الذي يأتي بحاجيات المنزل ومتطلباته، ويا ليت أن رب المنزل مشغول بل إنه الكسل والعجز عن تحمل المسؤولية، أو المظاهر الكاذبة، والمصيبة أن بعض هؤلاء يسافر الشهر والشهرين ويترك السائق في البيت وحده مع الزوجة والأطفال الصغار، وهذا ينطلق من نظرة بعض الناس إلى السائق والخادم أنه ليس برجل ومن هذا الباب عبث كثير من السائقين والخدم بشرف كثير من مخدوماتهم.
وقفت امرأة تنتظر على باب إحدى المستشفيات في وقت متأخر من الليل، فلما سئلت عن سبب وقوفها في هذا الوقت، قالت: السائق أنزلني هنا ثم ذهب على أن يأتي بعد فترة قصيرة فتأخر ولم يأت إلى الآن.
وأين زوجك؟ قالت: مسافر فقد ذهب إلى الصيد.
ياعجباً: هل يتصور أن رجلاً عنده أقل معاني الرجولة يترك زوجته وحيدة مع السائق ويسافر الأيام الطوال؟!، بل ومثل هذا كثير.
وحق للعين أن تدمع، وللقلب أن يتفطر لهذا الاستهتار المخزي وهذا التساهل المشين.
وعموماً فإن السائق الأجنبي عنده دوافع الفساد والعبث سهلة وميسرة، فأحياناً يعبث هو بعرض مخدومته إما رغبة منه بذلك وإما تحت تهديد هذه المرأة لفساد في نفسها، وخلو البيت من الرجل، فتجد المكان خالياً لممارسة الفاحشة، لأن بعض النساء لو حصل عندها دافع للفساد فإنها ليست محترفة ومطلعة على وسائله، ولكن حين يكون السائق أو الخادم في البيت فإنه يكون الانحراف عندها لا يحتاج إلى تفكير طويل، فالرجل موجود والبيت خال، بل وزد على ذلك أن هذا الرجل سوف تضمن أنه لن يفضحها خوفاً على معيشته.
وأحياناً بعض السائقين لا يفجر مع هذه المرأة الفاسدة بنفسه و لكن يتستر عليها و يوصلها لمقابلة أخدانها إما لأنه تعود على هذا في بلاده فيراه أمراً عادياً، وإما خوفاً على معيشته فهو لم يأت هنا إلا من أجل المعيشة و تحصيل المال.
وبعض الناس يتساهل أكثر فيسمح بدخول السائق إلى منزله فيرى الزوجة والبنات وهن متكشفات أو لا يمانع من أن تذهب ابنته إلى السائق في غرفته بحجة أنها تعطيه الأكل وقد يؤدي هذا إلى تعلق الفتاة بهذا السائق، أو أن يتعلق هو بها فيبدأ التفكير بالطريقة التي يستطيع بها أن يتمكن من هذه الفتاة، زد على ذلك أن بعض السائقين عنده مكر شديد ويعرف الكثير من الوسائل التي توقع بالفتيات في شراكه خصوصاً إذا كان في منزل أناس لا يبالون و لا يعرفون ماذا يفعل هذا السائق وماذا يوجد في غرفته بل إنهم لم يهتموا كثيراً حين استقدموه هل هو مسلم أم كافر، جاهلين أو متجاهلين قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"[6]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لأخرجن اليهود و النصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً"[7].
قالت إحدى الفتيات:
"كانت أسرتي ترسلني أحيانا للسائق ببعض المأكولات وأحياناً لأناديه، وكان هذا السائق و هو من إحدى الدول الأجنبية يتعمد ترك المجلات الخليعة على سرير نومه في غرفته في طرف البيت، فكنت تارة أناديه فلا يرد النداء وإذا به يخرج من دورة المياه وهو بملابسه الداخلية وتارة أجده مسترخياً على سرير نومه والمجلات المتنوعة مبعثرة يمنة ويسرة، فوجدت نفسي مندمجة في مطالعة تلك المجلات الخليعة رغم أنها باللغة الإنجليزية، وفي يوم من الأيام أفقدني السائق أثمن ما تمتلكه أي فتاة..".
قصة مبكية و نتيجة مفجعة.. يتحمل مسؤوليتها ذلك الرجل اللامبالي الذي لم يهتم بشؤون بيته، ووالله إن المرء ليعلم من الحوادث ما يندى له الجبين ولكن يتردد في ذكرها لفداحتها ولحجم ما تبلغه من قدح للمشاعر وخدش للحياء، وكثير من يسمع و لكن قليل من يعقل.
نحن الذين غرسنا في أضالعنا سيوفنا وعبثنا في روابيــنا رمـاحنا لم تنل إلا أحبتنـا ونـارنا لم تنل إلا أهالـينا
فعلى المرء المسلم الانتباه والحذر، وأن يصون أهله من الرذائل ومنكرات الأخلاق، قال صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يسترعيه الله رعيه يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة"[8]، وقال صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت"[9].
فأيّ غش أعظم من إهمال المرء لأهله والبحث عما يصلح أحوالهم؟
إن في ما ذكر لعبرةً لمن اعتبر فهل من متأمل؟!.
هجر الزوجة
لقد جعل الله جل وعلا الحياة الزوجية قائمة على المودة والرحمة، فالرجل يحتاج إلى المرأة، والمرأة تحتاج إلى الرجل، فلا يستغني كل منهما عن صاحبه، قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}[10].
فجعل الله المرأة سكناً للرجل يأوي إليها بعد التعب والمشقة لا سيما إذا كانت لطيفة المعشر صالحة متوددة إلى زوجها تحرص على راحته كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "خير النساء من تسرك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك"[11]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "خير نساءكم الودود الولود المواتية المواسية إذا اتقين الله..."[12].
ولكن مع الأسف الشديد إن كثيراً من الناس نسي هذه الغاية العظيمة من الزواج فأساء التصرف مع زوجته، وهذه الكلمات هي عبارة عن شكاية وردت على لسان كثير من النساء اللاتي ابتلين بأزواج لا يحسنون التصرف معهن وبالذات في نقطة خطيرة قد تؤدي إلى نتائج مفجعة، وذلك أن كثيراً من هؤلاء الأزواج هجر زوجته في الفراش ولم يعطها حقها في الجماع والمعاشرة مما أدى فعلاً إلى انحراف بعض النساء.
ومما يجب التنبيه عليه هو أن النساء تختلف أحوالهن من امرأة إلى أخرى في الحاجة إلى المعاشرة فبعضهن قد يصبرن طويلاً وبعضهن لا يصبرن والزوج هو أعلم بحال زوجته، وهذا أمر لا يمكن أن يتصور جهله، زد على ذلك أن هذا الأمر له آثار نفسية إيجابية فهو من أسباب المودة والألفة والاستقرار النفسي الذي تحتاج إليه المرأة.
ألا ترى أن المرأة تغتاظ إذا تزوج عليها زوجها؟
ذلك لأنها تخشى أن تشاركها تلك المرأة في زوجها الذي تحس بأنه ملكها وحدها، ولأن المرأة تحتاج إلى ركن شديد تأوي إليه وتأمن عنده، فتجد أنها إذا هجرها زوجها تتأثر نفسياً ويهاجمها الإحساس بالوحشة والوحدة وعدم الاستقرار.
وقد تنوعت الدوافع التي أدت ببعض الأزواج إلى هجر زوجاتهم، وعند التأمل تجد أنها تدور حول الجهل بالآثار المترتبة عليه أو الخطأ في تطبيقه بالنسبة لمن اتخذه وسيلة لتأديب زوجته.
فمن هؤلاء الأزواج من يسافر الشهر والشهرين إما بحجة التجارة، أو السياحة، أو لهفاً وراء الدنيا لغير حاجة، أو للبحث عن الفجور والشهوة المحرمة ويترك زوجته وحدها فهي إن لم يثبتها الله جل وعلا ستنـزلق قدمها.
ومن هؤلاء من يحترف الفجور والفسق في بلده ويعاشر النساء في الحرام فإذا رجع إلى أهله رجع منهكاً متعباً قد أشبع غريزته البهيمية من البغايا الفاجرات فلا تميل نفسه إلى زوجته لأنه اكتفى بغيرها، بل ولعله يرى في هؤلاء الفاجرات ما لا يراه في أهله بسبب إغواء الشيطان له وترغيبه له في الفواحش.
ومن هؤلاء من لا يكون فاجراً يرتكب الفواحش ولكنه ظالم، فهو حين يتزوج على زوجته يجور ولا يعدل، فيميل إلى الجديدة، فالمبيت لها والمعاشرة لها، وربما يبيت عند زوجته الأولى الليالي ذوات العدد فلا يعاشرها فتحترق المسكينة من الداخل ولكنها تستحي أن تصرح له بحاجتها لأن هذا أمر لا يجهله عاقل.
تقول إحداهن: "تزوج زوجي من امرأة أخرى وهجرني، ووالله ستة أشهر لم يأتيني، ويعلم الله أنني أعاني أشد المعاناة ولكنني أستحي أن أصرح له بذلك فهو يعرف حاجتي إليه، ثم هو لا يأبه بي لأنه يعرف أنه ليس لي أحد أذهب إليه فأنا وحيدة، وإلا لطلبت الطلاق".
وعموماً فهذا مثال واحد يمثل شريحة واسعة وإلا فالشكاوى كثيرة من هذا النوع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل"[13].
وبعض الأزواج يستعمل الهجر لتأديب زوجته وهذا أمر مشروع ولكن له ضوابط، فإن الصحيح أن المرأة إذا نشزت على زوجها فعليه أن يتدرج في علاجها كما بين ذلك ربنا جل وعلا في قوله: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيـلاً إن الله كان علياً كبيراً}[14].
"فالمرأة الناشز هي المرتفعة على زوجها التاركة لأمره المعرضة عنه المبغضة له فمتى ظهر منها أمارات النشوز فليعظها وليخوفها عقاب الله عند عصيانه فإن الله أوجب حق الزوج عليها وطاعته وحرم عليها معصيته لما له عليها من الفضل والإفضال"[15].
فإن لم ترتدع بالموعظة فينتقل إلى الخطوة التالية وهي الهجر في الفراش قال ابن عباس: "الهجر هو ألاّ يجامعها ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهره"، قال: "ولا يكلمها ولا يحدثها".
ومن آداب الهجر أن لا يهجر إلا في المنزل لما جاء في الحديث: "يا رسول الله: ما حق امرأة أحدنا عليه؟" قال: "أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتست ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت"[16].
وبعض أهل العلم قالوا بجواز الهجر داخل المنزل وخارجه وأرجعوا ذلك إلى أنه يختلف باختلاف الأحوال فربما كان الهجران في البيوت أشد من الهجران في غيرها، "ولأن هجران النساء مع الإقامة معهن في البيوت آلم لأنفسهن وأوجع لقلوبهن بما يقع من الإعراض في تلك الحال..."[17].
ولعل الهجر في المنزل أولى ـ والله أعلم ـ لحكم متعددة منها:
أنه إذا كان الزوج قريباً من المرأة فإنها متى ما ندمت وأرادت أن تسترضيه وجدته بجانبه، أما إذا كان بعيداً فلعل هذا من شأنه أن يصعد المشكلة فتزداد المرأة عتوا ونفوراً لتصورها أن هذا الفعل إهانة لها.
ويجوز للرجل أن يهجر المرأة إلى أربعة أشهر إذا كان مقصده التأديب لا التشفّي بها وهي أقصى مدة، وقد استخلص أهل العلم هذا الحكم من قوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهن تربص أربعة أشهر..}[18].
فإذا فاءت ورجعت إلى طاعته خلال الفترة فلا يجوز له هجرها بل يجب عليه أن يرجع لها حقوقها وعلى رأسها حقها في الفراش لقوله تعالى: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً}.
أما إذا استمرت المرأة في نشوزها حتى تجاوزت الأربعة اشهر فهذا معناه أن الهجر لم يفد، فينتقل إلى الخطوة التالية وهي الضرب، ويكون ضرباً غير مبرح، (أي غير مؤثر فلا يكسر لها عضواً ولا يؤثر فيها شيئاً).
لأن الضرب أثره النفسي أشد من الجسدي، فبعض النساء لو أشار الزوج بيده في وجهها لبكت ولم تحتمل بل واعتبرت ذلك من أشد الإهانات.
قال ابن كثير: "فإذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريده منها مما أباحه الله له منها فلا سبيل له عليها بعد ذلك وليس له ضربها ولا هجرانها، وقوله: {إن الله كان علياً كبيراً}، تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب فإن الله العلي الكبير وليهن وهو منتقم ممّن ظلمهنّ وبغى عليهن"[19].
والخطأ الذي يحصل أن بعض الأزواج لاستغنائه بامرأة أخرى أو لسبب آخر فإنه يستمر في هجر زوجته حتى وإن رجعت إلى رشدها واستقامت على طاعته، وذلك على حد زعمه جزاء لها حتى تتأدب ولا تكرر نشوزها وهذا لا يجوز، لأن الهجر وضع لعلة، فإذا زالت هذه العلة انتهى الهجر الذي وضع بسببها، ووجب عليه إعطاؤها حقها.
وأجدني محتاجاً إلى التنبيه مرة أخرى إلى أن النساء مختلفات الطباع، فبعض النساء قد لا يصبرن طويلاً عن المعاشرة، وبعضهن قد يصبرن، ولكن مهما كان فإن المرأة في الجملة تحتاج إلى زوجها ولو قسى عليها أحياناً لأنها ضعيفة تفتقر إلى الإيواء والاهتمام والعطف والتودد، وتحس بالوحشة والأرق إذا ابتعد عنها زوجها ولو لفترة قصيرة، فكيف بما يفعله البعض من الهجر الطويل دونما سبب؟
وتأمل هذا الأثر الذي يبين مدى حاجة المرأة إلى زوجها.. لعل فيه تحريكاً لمشاعر البعض وتنبيهاً للغافلين الذين لا يعرفون العواقب التي قد يؤدي إليها الهجر إذا كان على غير الهدي الرباني..
خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات ليلة يطوف بالمدينة وكان يفعل ذلك كثيراً، إذ مر بامرأة من نساء العرب مغلقة بابها وقد ذهب زوجها إلى الجهاد فسمعها عمر وهي تقول..
لقد طال هذا الليل واسود جانبه وأرّقـني ألاً ضجيـع ألاعبـه
فـوالله لـولا الله أني أراقبـه لحرّك من هذا السرير جوانبـه
ثم تنفست الصعداء، وقالت: أشكو عمر بن الخطاب وحشتي في بيتي وغيبة زوجي عني، وقلة نفقتي، فلانَ لها عمر ـ رضي الله عنه ـ فلما أصبح بعث إليها بكسوة وكتب إلى عامله أن يسرح إليها زوجها.
وقد سأل عمر ابنته حفصة كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر أو أربعة، فقال عمر: لا أحبس أحداً من الجيوش أكثر من ذلك[20].
ومن خلال هذا المنطلق يجب أن يعلم أن هجر الزوجات إن لم يكن محاطاً بالحدود الشرعية فإنه قد يؤدي إلى نتائج سلبية يخسر بسببها المرء دينة ودنياه والعاقل خصيم نفسه.
مسافرة!!!
سفر المرأة من غير محرم لها هو في الحقيقة أمر يحتاج إلى تأمل وطول نظر ويحتاج إلى عقلاء قوم يقدرون للقضية قدرها فإنها قد انتشرت في مجتمعاتنا وتنوعت أسبابها، فما إن تصعد طائرة من الطائرات حتى تجد سرباً من النساء من غير محارم لهن ينتقلن من بلد إلى بلد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم"[21].
وقال ابن عباس رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم"، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: "انطلق فحج مع امرأتك"[22].
وقد نبه رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام على ذلك لأن المرأة إناء زجاجي رقيق سهل الانكسار، فإذا نالته الأيدي العابثة جعلته قطعاً وأشلاءً متناثرة، وقد تنوعت الأسباب الدافعة إلى سفر النساء من غير محارم، فبعض الناس يكون متزوجاً بامرأة من غير بلده وبحجة أنه ليس عنده إجازة أو مراعاة للمصروفات المادية فإنه يأخذ بيد زوجته إلى المطار حتى يوصلها إلى مدخل الطائرة ظاناً أنه في ذلك قد حقق السلامة، وحين تكلمه في هذا الأمر يقول: والله ليس عندي وقت ويعتمد على أن أخاها ينتظرها في المطار، وأكثر هؤلاء دُخِل عليهم من شبهة وهي أن المسافة قصيرة في الطائرة والأحاديث سفر المرأة من غير محرم هي في السفر الطويل، ولا يعلمون أن السفر هو السفر.. بأي وسيلة كانت، مهما كانت المسافة.
ولا يراعي هذا وغيره أن الطائرة ربما يتغير اتجاهها لسبب ما فتضطر إلى أن تهبط في بلد آخر أو مدينة أخرى ليس للمرأة فيها أحد من ذويها وهذا بحد ذاته فتنة لها، ثم أيضاً وجود المرأة وحدها في الطائرة فتنة لها فقد يتعرض لها المضيف أو رجل مسافر يراها فريسة سهلة فتنشأ بينهما علاقة، وذلك بسبب مَن؟!
بسبب ذلك الوليّ المتساهل الذي عمد إلى هذا الفعل المشين وتركها تسافر وحيدة، ولولا هذا الأمر لما حذر منه الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام الذي ما ترك طريق خير إلا ودلنا عليه، ولا طريق شر إلا وحذرنا منه.
ويحق لك أن تبكي حين ترى أكثر من ذلك: من سفر بعض النساء وحيدات إلى بعض البلاد التي يسمونها بلاداً سياحية.
فحين ركوبك على متن الطائرة سترى أعداداً من النساء ذهبن من غير رجال إلى أين؟ إلى السياحة!!
وانظر إلى ما يفعلن في تلك البلاد من سلوكيات مشينة وعلاقات رديئة ومعاشرة للرجال الأجانب وخيانة للأزواج المغفلين، بل وبعضهن يدخلن حانات الخمور عابثات لاهيات وهذا أمر لا ينكره منكر، ولو فكرت جيداً لوجدتها معادلة مستقيمة: فإذا سافر الرجل للسياحة ألا يكون هذا مراده منها؟ وحقيقة أنك لا تستطيع أن تتصور أن هذا الزوج لا يعلم بما تفعله زوجته فهو الذي أذن لها بالسفر والانحلال.. ولكنها الدياثة هي التي أوصلته إلى هذا الحد.
ومما يحزن أيضا أن التساهل وصل إلى أكثر من ذلك فيما يفعله بعض الآباء الذي ما إن تنهي ابنته دراستها الثانوية حتى يأخذها من يدها يركض بها يميناً وشمالاً يسعى سعياً حثيثاً ويتعب الخطى من أجل أن يبعثها للدراسة في الخارج حتى تحصل على شهادة جامعية من بلد راقٍ في التعليم!! وإذا خاصمته في ذلك وناقشته قال: إن ابنتي ثقة ومتدينة فإذا قلبت النظر وجدتها سافرة متبرجة ولكن هذا وكثيراً من أمثاله يتبجحون بقولهم أن الإيمان في القلب حتى وإن كان المرء لا يصلي ولا يصوم ولا يفعل شيئاً من أعمال الإسلام بل إن بعضهم يتصور أن الدين هو (طيبة القلب)!!.
فإذا كانت هذه المرأة هذه صفاتها في بلادها فماذا عساها أن تفعل إذا اغتربت؟!!
فيزج بها ذلك الوالد الغافل المضيع للأمانة إلى الخارج تعاشر الشباب وتجلس معهم وتضحك معهم، وتأمل حالها إذا داهمتها الوحدة أو أصابتها حالة فزع في ليلة من ليالي الغربة إلى أين تذهب في ذلك البلد الأجنبي الذي لا أم لها فيه ولا أب؟
لعلها أن تأوي إلى حضن صديق من بلادها، وليس لك حق أن تعترض أو تستغرب فهو أخوها في الوطنية!!! يالسفاهة العقول.
ثم ماذا ترجو من مثل هذه إذا رجعت إلى بلادها..؟
هل تتصور أنها تكون مربية للأجيال تربية صالحة؟
هل ستوصي طالباتها بالعفاف والحشمة والستر والأخلاق الحسنة وهي تفتقد كل ذلك، متبرجة سافرة متبذلة قد سافرت وحيدة إلى البلاد البعيدة تتسكع يميناً وشمالاً.
هل ترجو منها أن تأمرهن بأداء الفرائض والكف عن المحارم وهي لم تتعلم من هذا شيئاً؟
أم هل تأمل أن تكون أماً صالحة تربي أبناءها وتخرج الأجيال وهي لم تتعود على الأمومة ولم تحس بإحساسها؟!
ثم إنك لو نظرت إلى بلادنا الإسلامية نظرة تأمل لوجدت أن كل ما حدث فيها من التبرج والسفور والانحلال وراءه امرأة ممن درسن في الخارج، فكثير منهن عندما رجعن من فرنسا وبريطانيا وغيرها من البلاد المنحلة، قمن بإحراق العباءة وإلغاء الخمار وخلعن الحجاب الشرعي، وظهرن متبرجات متسكعات يدعين النساء إلى مثل فعلهن المنكر فحدث ما ترى.
فكيف تبني الأجيال على أيدي هؤلاء الساقطات؟
ولم أر للخـلائق مـن مـحل يهـذبها كحضـن الأمهـات فحضـن الأم مدرسة تسامـت بتربيـة البنـين أو الـبنـات
وأخلاق الوليد تقـاس حسـنا بأخـلاق النسـاء الوالـدات لاشك أن هذه قضية خطيرة قد توسع فيها الناس على درجات متفاوتة فمن مقل ومستكثر، فيجب على المسلم التّقي أن يحرص على محارمه وأن يحفظ الأمانة التي استرعاه الله عليها.
وإذا رأيت الرجل يترك أخته أو ابنته أو زوجته تسافر من مكان إلى مكان وحيدة فاعلم أنه لا غيرة عنده، ولا خير فيمن لا يغار.
نسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يهدي ضال المسلمين.
العفة..
العفة ذلكم الأدب الرفيع والخلق العالي الذي تتسامى به الأمم وتتميز، وحينما تفتقده أمة من الأمم فإنها سرعان ما تنحدر وتتزعزع، وليس هذا الخلق مخصوصاً به جنس من البشر دون الآخر بل إن الجميع مطالبون به، ولكن انقسم الناس فيه إلى فريقين:
منهم من أخذ به فعلا وارتفع، ومنهم من خلّفه وراء ظهره فذل وسقط.
والحقيقة أن هذا الخلق الطيب مما يميز ذوي الفطر السليمة والعقول المستقيمة عمن انتكست فطرهم وتاهت عقولهم، وليس مقتصراً على النساء دون الرجال، أو الرجال دون النساء بل إن كلاً منهم مأمور به، لكنه بالنسبة للمرأة مطلوب أكثر ومرغب فيه أعظم وأعظم، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله: "خير النساء من تسرك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك"[23]. فقوله: "تحفظ غيبتك في نفسها.." إشارة إلى أن أكثر ما يرغب الرجل في المرأة عفتها، وأنها من الأسباب التي جعلت لها الخيرية على سائر النساء.
وقال جماعة من المفسرين في قوله تعالى: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب}[24].
أي: تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله.
وفي هذا تنبيه على العفة التي تميز المرأة الطاهرة المستقيمة ذات الأخلاق الرفيعة عن المرأة الساقطة ذات الأخلاق الهابطة الوضيعة، وهذا واضح وظاهر، أما ترى أن كثيراً من الشباب العابث رغم علاقاته الكثيرة حين يعزم على الزواج فإنه يبحث عن المرأة المتدينة؟
لماذا؟
لأنه يبحث عن العفة التي يطمئن معها على زوجته.
ولقد حوى التاريخ الإسلامي صوراً كثيرة تدل على العفاف ومنزلته، وعلى رأس هذه الصور سيرة الصحابة الذين كانوا من أعف الناس وأشدهم حياءً وغيرة، ولا عجب ولا غرابة فقد بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم "ليطهرهم من رذائل الأخلاق ودنس النفوس وأفعال الجاهلية، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، فكانوا في الجاهلية الجهلاء يسفهون بالعقول الغراء فانتقلوا ببركة رسالته وبيمن سفارته إلى حال الأولياء وسجايا العلماء فصاروا أعمق الناس علماً وأبرهم قلوباً وأقلهم تكلفاً وأصدقهم لهجة"[25].
وكان نساء المسلمين آنذاك يفتخرن بعفافهن، فها هي الخنساء تقول لأولادها وقد خرجوا للقادسية: "يا بَنيّ إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما هجنت حسبكم وما غيرت نسبكم".
ولم تزل قصص العفاف تسطر في ذلك التاريخ المشرق فظهرت نوادر لا حصر لها ولا عدد.
وإن تعجب فعجب قول بعض الكفار حول العفة وتمسك بعضهم بها رغم ما وصل إليه مجتمعه من التفسخ والانحلال وانتكاس الفطر.
قال نابليون: أمنع الحصون المرأة الصالحة.
وقال أديسون: لا شيء يرفع قدر المرأة كالعفة.
وقالت جان جاك روسو: أفضل أن أكون امرأة فحام على أن أكون عشيقة ملك.
وقيل لابنة ملك من ملوك الفرس ـ وقد أجهدها عشق رجل من أساورة أبيها ـ لو روحت عن قلبك بالاجتماع معه،كف ذلك من وجدك، قالت: "إن الأمر كما تصفون، ولكن ما عذري إذا هتكت ستري وأظهرت أمري عند من لا يلزمه عاري، ويرغمه اشتهاري والله لا كان هذا أبداً".
ونحن إذ نسوق هذه الأقوال ليس إعجاباً بهؤلاء الكفرة الذين لا خلاق لهم ولكن تحسراً على حال كثير من أبناء قومنا الذين تساهلوا كثيراً فتغيرت طباعهم وتجرأت نساؤهم وانزلقت أقدامهن نحو الحضيض، على مرأى ومسمع منهم وهم لا يحركون ساكناً..
عز الفتاة هـي الصيـانة وحــدها وكمـالهـا بالستــر لا التهتيـك
يكـفيـكِِِ بعـد الـدين أن تتعلمي تـدبـير منزلـك الـذي يـؤويك
لا النـاس في هذا الـزمان كما نرى ناسٌ وليـس النهـج غـير مشـوك
صـاروا على سنن الألى من قبلهـم شـبراً بشـبر فـالزمي نـاديـك
وتمسكي بحمى الحجاب على المـدى وسلـي الإلـه هـدايـة لبنيــك
| |
|
المدير العام مؤسس المنتدى
الجنس : عدد المساهمات : 162 نقاط : 433 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 23/12/2010 الموقع : mohamed2020.hooxs.com
| موضوع: رد: أوراق خاصة الأربعاء 27 يوليو 2011, 11:19 pm | |
| شكراً على هيك الموضوع يا أبو قاسم لك منى الشكر والعرفان | |
|
احمد البرنس عضو ذهبي
عدد المساهمات : 86 نقاط : 178 السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 02/02/2011
| موضوع: رد: أوراق خاصة الجمعة 29 يوليو 2011, 5:07 am | |
| I enjoyed reading the topic and thank you for sharing it with us Best Regards أستمتعت بقرائة الموضوع وأشكرك على مشاركة الموضوع معنا مع أطيب التحيات | |
|